الكاتب : عميد د. عبدالاله عبدالواسع الخضر
أخرجت البحار أقبح مافيها من فساد .
صعود أشباح السلطة المتسلقين من فوق الركام .
اليمن . بين زمنٍ رديء ياذا الزمن الردي .
العزه لله والوطن .
تحيا الجمهورية اليمنية .
كم فرزت الحروبُ من أشكال . وقُذفت إلى السطح كل ما تراكم في قاع المجتمع من شوائب ومخلفات فاسده.
وفي ردئ هذا العبث يظل الوطن ثابتاً .
الحروب والصراعات التى مرت بها اليمن في تاريخها العريق وشهد العصر القديم والحديث من التدخلات الخارجية مما أفرزت واقعاً شاذاً ومشوهاً للوجه الحضاري لليمن جعلت من الأشخاص فاقدين الصواب الاخلاقي
و السياسي اصبحوا متربعين على راس السلطة وجميع مرافق الدولة في ارجاء اليمن كما دفعت الظروف الاستثنائية بالعديد من ركوب الموجة فتسلقوا مواقع المسؤولية دون كفاءة او قيمة مستفيدين من الفوضى وانهيار المؤسسات
تعيش اليمن اليوم واحدة من أكثر المراحل انحداراً في تاريخها الحديث فالحروب المتلاحقة والتدخلات الإقليمية والدولية والصراعات السياسية والعسكرية
لم تكتفِ بتمزيق اليمن جغرافيا بل أعادت تشكيل الوجوه التي تتصدر المشهد .
وجوهٌ لا علاقة لها بالدولة ولا بتاريخ ولا بقيم المجتمع اليمني الذي عرف عبر الزمن برجاله الأوفياء وأهله الشرفاء.
لقد صنعت الحرب واقعاً مختلفاً مشوّهاً دفعت به إلى الواجهة أشخاصاً كانوا بالأمس خارج دائرة القرار بلا دور ولا تاريخ .
وإذا بهم فجأة يقوموا بإدارة المؤسسات ويتصدرون المناصب ويمسكون بخيوط السلطة. وجوهٌ جاءت من فوضى التدخلات ومن ركام الانهيارات لا تستند إلى كفاءة ولا معرفة
ولا إلى معيار من معايير العدالة.
وفي الوقت ذاته جاءت الظروف الاستثنائية لتفتح باباً واسعاً للانتهازيين فركبوا موجة الحرب كأنها فرصتهم الذهبية للصعود. صعد
من لا يملك سوى الصوت العالي والولاء الأعمى وتراجع أصحاب الرتب الرفيعة والعقول الكبيرة والخبرة الوطنية العريقة. أولئك الذين يمثلون الرصيد الحقيقي للدولة وحب الوطن وجدوا أنفسهم في خانة التهميش والإقصاء تحت رحمة المُخرجٍ الذي لا
يرى الا خدمة مصلحته .
إن أكثر ما يبعث على الألم أن ترى المخلصين يهيمون خارج المشهد. بينما يتربع على الكراسي من لا يستحق من لا يحمل قيمة وطنية ولا إرثاً أخلاقياً ومن لم يكتب له التاريخ يوماً صفحة مشرّفة واحدة.
ومع ذلك لم تكن السلطة وحدها ساحة الخراب.
لقد فتحت الحرب بوابات الفقر والجوع على مصاريعها فانهارت القيم ومعيشة الناس وانقلبت الأخلاق وتراجع التضامن وظهرت سلوكيات غريبة على المجتمع اليمني الذي لطالما اتسم بالشهامة والمروءة.
تغيّرت النفوس وازدادت القسوة وتفكك النسيج الاجتماعي تحت ضغط الجوع والذل وفقدان الأمان .
تحوّلت الحرب إلى ورشة ضخمة لإنتاج الرداءة.
رداءة في المواقف ورداءة في الأخلاق ورداءة في السلطة.
وغابت الوجوه النقية التي كان من المفترض
أن تحفظ للدولة ما تبقّى من هيبتها وتحولت الكفاءات الوطنية إلى مجرد ملفات منسية في أدراج النسيان بينما تسلّق دخان الفوضى على
أعمدة الوطن.
إن المؤامرة على اليمن لم تكن مجرد بندقية
ولا مناورة سياسية
بل كانت إعادة تشكيل كاملة للمشهد تسمح للناس بالصعود وتحارب أنبل الرجال في الظل
ومع ذلك
يبقى الأمل معقوداً على أن تعود اليمن إلى أصلها. بلاد الحكمة وأرض الرجال ومهد الحضارة التي لم تنكسر يوماً مهما اشتدت عليها العواصف
مرور الحياة دون استقرار دون حسم يعد خدمة لاصحاب المصالح على حساب الوطن .







اضف تعليقك على المقال