الكاتب : عادل الشجاع
ما الذي يجري في أبين؟
ولماذا تركت هذه المحافظة لتدفع وحدها ثمن صراع مناطقي قذر يتخفّى خلف عباءة مكافحة الإرهاب؟
هل أصبح الإرهاب شماعة لتصفية الحسابات وفرض واقع جديد بقوة السلاح، بينما الدولة ومجلس قيادتها يقفون موقف المتفرج، أو الأسوأ… المتواطئ بالصمت؟.
أبين اليوم تستباح، أبين اليوم تدك تحت ذريعة داعش والقاعدة، بينما الواقع أن من يستهدف فيها هو الإنسان الأبيني، بكرامته وهويته ووجوده، المدن تحاصر، والأهالي يعتقلون، والاتهامات توزع جزافا، في مشهد يعيدنا إلى زمن العداوات المناطقية التي مزقت جسد الوطن..
والسؤال البسيط والموجع: أين الدولة؟ وأين الجيش؟
بدلا من أن توجّه كل الطاقة والقرار لمواجهة انقلاب الحوثي واختطافه لصنعاء، تحولت أولويات القيادة إلى إدارة المعركة في أبين وشبوة ولحج وحضرموت وسقطرى، أي هذا التبدل في المواقع والأولويات؟ لماذا تترك العاصمة والشرعية الوطنية طعما للانقلاب، بينما تستنزف الموارد والقرار في صراعات مناطقية داخل الدولة نفسها؟.
رئيس مجلس القيادة، الذي يفترض أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، لماذا لا يوجه الجيش للذهاب إلى أبين لمواجهة القاعدة إن كانت موجودة فعلا؟
لماذا تترك مهمة مكافحة الإرهاب لمليشيات خارجة عن سلطة الدولة، تمارس الإقصاء والعقاب الجماعي، وتستقوي بدعم خارجي؟.
هل أصبح من المسموح لمجموعات مناطقية أن تتحدث باسم الدولة، وتنفذ عمليات عسكرية بغطاء مكافحة الإرهاب وهي نفسها تمارس الإرهاب بحق المواطنين!.؟
إن الدولة الموقعة على اتفاقيات دولية لمكافحة الإرهاب، ملزمة بأن تكون هي صاحبة القرار والسلاح، لا أن تتنازل عن دورها لجهات لا تؤمن إلا بالهيمنة والإقصاء، لكن ما نراه اليوم هو انهيار مريع لمفهوم الدولة، وانكشاف كامل لعجز مجلس القيادة الذي تحول إلى واجهة شكلية، عاجزة عن حماية السيادة الوطنية أو صون وحدة المجتمع..
أبين، وشبوة، ولحج، وحضرموت… كلها اليوم تدفع ثمن هذا العجز والصمت، النسيج الاجتماعي يتمزق أمام أعين الجميع، والمجلس صامت، الكرامة تُهان، والمجلس صامت، الأرض تفرغ من أهلها، والمجلس صامت!.
فهل هذا هو المجلس الذي أقسم على حماية الوطن؟
هل هذا هو الجيش الذي يفترض أن يحمي الشعب لا أن يتركه فريسة للمليشيات؟
لقد آن الأوان أن يقال بوضوح: من يصمت عن تمزيق النسيج الوطني، شريك في الجريمة، ومن يغض الطرف عن سحق أبين اليوم، سيسكت غدا عن سحق بقية الوطن..
يا رئيس مجلس القيادة، الوطن لا يدار بالصمت، ولا بالبيانات الباهتة، القيادة مسؤولية، وحماية الناس واجب، وليست منة ولا خيارا سياسيا، إن لم تتحرك الدولة اليوم لاستعادة دورها في أبين، فالتاريخ لن يرحمكم، ولن يغفر لكم أبناء الجنوب الذين يستباحون باسم مكافحة الإرهاب..
أبين لا تحتاج بيانات تعاطف، بل تحتاج دولة حقيقية وجيشا وطنيا لا يعرف الولاءات الضيقة،كفى صمتا، وكفى تبريرا، فمن لا يحمي شعبه، لا يستحق أن يحكمه..







اضف تعليقك على المقال