يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

المجلس الانتقالي: مشروع الدولة الذي لم يغادر عقل الميليشيا

عادل الشجاع

 

الكاتب : عادل الشجاع* 

منذ أن ولد المجلس الانتقالي الجنوبي في 2017، لم يبن مدرسة واحدة، لم يشيد مستشفى، لم يعبد طريقا، ولم يقدم أي نموذج أولي للدولة التي يزعم أنه يسعى لاستعادتها، لا حضور تنموي، لا رؤية اقتصادية، لا بنى تحتية، ولا حتى مظاهر دولة على الورق، كل ما أنتجه المجلس طيلة سنواته كان المزيد من السجون السرية، الاغتيالات السياسية، الانتهاكات المنزلية، والقمع الممنهج لكل من يخالفه أو لا ينتمي لطيفه الجغرافي أو السياسي..

إن فكرة استعادة الدولة الجنوبية تحولت تحت عباءة الانتقالي إلى مجرد شعار استهلاكي، يلوح به قادة المجلس في المناسبات، بينما يغوصون في مستنقعات الفساد ونهب الإيرادات والسيطرة على مقدرات الدولة في المحافظات الجنوبية، لا يوجد أي معلم على الأرض يمكن أن يشير إلى مشروع بناء، بل كل ما هو قائم يوحي بانهيار الدولة، لا استعادتها..

الإمارات، التي تبنت الانتقالي منذ تأسيسه، لم تكن في يوم من الأيام داعما حقيقيا لاستقرار اليمن، بل راع رسمي لحالة الفوضى المنظمة في الجنوب، مستغلة الانتقالي كأداة لإبقاء اليمن مشلولا سياسيا وأمنيا، بينما السعودية، شريك الحرب المزعوم، تراقب كل هذا بصمت مريب، تستثمر في هذه الفوضى وتوظفها للضغط على الشرعية التي فقدت هي الأخرى بوصلتها، وباتت خارج معادلة القرار..

والأخطر من كل ذلك، أن الصمت المطبق من حكومة الشرعية تجاه عبث الانتقالي، لا يفسر إلا بعدم امتلاكها القدرة الفعلية على المواجهة أو إدارة القرار، ما جعلها شاهدة زور على تقويض ما تبقى من هيبة الدولة في الجنوب..

لكن المثير للسخرية أن الانتقالي، الذي امتهن الإقصاء وقمع المختلفين، بدأ يتآكل من الداخل، فالخلافات التي بدأت تخرج للعلن، والصراع على النفوذ والمال والمناصب، كشفت أن المجلس ليس إلا تجمعا لعصابات مصالح، لا يجمعها مشروع وطني، ولا حتى ميثاق سياسي جامع، بل يجمعها فقط وهم السلطة والغنيمة، المواطن الجنوبي، الذي صبر على وعود كاذبة لعقود، بات اليوم يوقن أن عيدروس وجماعته ليسوا أكثر من مجموعة قطاع طرق، لا يختلفون عن أي ميليشيا عابثة، تتحدث بلغة الدولة وتتصرف كعصابة..

الانتقالي اليوم يلفظ أنفاسه الأخيرة، ليس لأن هناك من واجهه ببديل وطني حقيقي، بل لأن سلوكه الإقصائي وفساده المستشري وخطابه المتناقض، جعل حتى مناصريه يتراجعون، كل ما بناه الانتقالي طيلة سنواته كان هياكل وهمية، تنهار اليوم بنفس الطريقة التي نشأت بها، صخب دعائي لا يسنده شيء من الواقع..

فمن لم يستطع بناء مدرسة، لن يبني دولة، ومن يختبئ خلف السجون، لا يستطيع قيادة شعب، ومن يجعل من نفسه أداة لقوى إقليمية، لا يستحق أن يمنح شرعية تمثيل الجنوب..

*من صفحة الكاتب بالفيسبوك 

اضف تعليقك على المقال