يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

كيف ساهم التحالف العربي في تعزيز بقاء الحوثيين؟

عادل الشجاع

 

الكاتب : عادل الشجاع 

منذ انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015، قاد التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات تدخلاً عسكرياً تحت شعار “دعم الشرعية” في اليمن ضد جماعة الحوثي، التي استولت على العاصمة صنعاء وانقلبت على الحكومة المعترف بها دوليًا، غير أن المسار الفعلي لهذا التدخل تباعد تدريجياً عن شعاراته الأولى، ليكشف لاحقاً عن أجندات متباينة أدت إلى اختطاف القرار السيادي للحكومة الشرعية، وتفكيكها من الداخل، وهو ما شكل بيئة ملائمة لتعزيز سلطة الحوثيين وبقائهم..

كان أحد أبرز مظاهر التدخل السلبي للتحالف العربي تمثّل في السيطرة على القرار السياسي والعسكري للحكومة اليمنية، وتحجيم قدرتها على إدارة المعركة، فقد أصبحت القيادات السياسية والعسكرية رهائن سياسيين في الرياض، غير قادرين على اتخاذ قرارات سيادية دون موافقة السعودية أو الإمارات
 وخضعت التعيينات العسكرية للموافقة أو الاعتراض من قبل قادة التحالف، كما أن المفاوضات الدولية لم تكن الحكومة طرفًا فاعلًا فيها بقدر ما كانت تُدار من غرف عمليات التحالف وتحول الدعم المالي واللوجستي إلى أداة ضغط سياسية تمارسها الرياض وأبوظبي لضبط سلوك الشرعية واحتوائها..

أدى التدخل الإماراتي بشكل خاص إلى تفكيك المؤسسات السيادية للشرعية وعملت على دعم مليشيات موازية للجيش الوطني، وهو ما أدى إلى تشتيت القوة العسكرية المناهضة للحوثي، إضافة إلى تمكين المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي قام بانقلاب عسكري على الحكومة في عدن عام 2019، بدعم إماراتي مباشر، ما جعل الشرعية تفقد عاصمتها المؤقتة، والسعي إلى إضعاف الجيش الوطني وتهميش القيادات الميدانية لصالح مليشيات غير منضبطة..

هذه السياسات دفعت بالشرعية إلى حالة من التفكك والضعف، ما أفقدها القدرة على خوض معركة متماسكة ضد الحوثيين..

مع غياب مشروع وطني موحد ومؤسسات دولة فاعلة، استفاد الحوثيون من الفراغ السياسي والعسكري الذي خلفه التحالف وعززوا سلطتهم دون تهديد حقيقي من قوات موحدة للشرعية وروجوا لخطابهم القائم على مواجهة “العدوان الخارجي”، وكسبوا بذلك تأييدًا شعبيًا واستثمروا الانقسامات داخل المعسكر المناهض لهم لتعزيز تحالفاتهم وتوسيع نفوذهم..

لقد أدى سلوك التحالف العربي، لا سيما من قبل السعودية والإمارات، إلى اختطاف القرار اليمني وتفكيك مؤسسات الشرعية، مما ساعد في خلق واقع سياسي وأمني استثمرته جماعة الحوثي لتعزيز بقائها وتوسيع نفوذها، وبدلاً من أن يكون التحالف أداة لاستعادة الدولة، ساهمت سياساته في تفتيت معسكر الشرعية وتحويل اليمن إلى ساحة تنازع نفوذ لا مشروع وطني فيها..

وفي ظل هذا الانهيار وفقدان الثقة في المكونات السياسية، تبرز مسؤولية النخب السياسية والفكرية والثقافية اليمنية، في الداخل والخارج، لملء هذا الفراغ الوطني، عبر تشكيل جبهة وطنية مستقلة تمثل تطلعات اليمنيين، وتعيد تعريف الأولويات الوطنية بعيداً عن التبعية والارتهان الإقليمي..

إن الوقت قد حان لأن تنهض هذه النخب بمسؤوليتها التاريخية، وأن تعمل على بناء مشروع سياسي جامع يضع مصلحة اليمنيين فوق كل اعتبار، ويعيد لليمن صوته أمام المجتمع الدولي، بوصفه شعباً يسعى للحرية والكرامة واستعادة دولته، لا مجرد ساحة لصراع الآخرين..

اضف تعليقك على المقال