يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

عامِل الله باليقين - لتعامل بالمعجزات

أشرف محمدين

الكاتب : أشرف محمدين

 

في زحام القلق وتقلّب الأيام وضيق الأحوال كثيرًا ما نجد أنفسنا نحاور القدر بخوف، ونناجي السماء بقلق، وننتظر الفرج بنبضات مرتجفة. لكن، هل فكّرنا يومًا في أن المفتاح الحقيقي للراحة ليس في تقليل المصاعب، بل في طريقة تعاملنا مع الله؟
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمه الله - لا تعامل الله بالقلق عاملهُ باليقين ليعاملك بالمعجزات
جملة من ذهب، تختصر فلسفة الإيمان بأكملها… تُلخص العلاقة التي يجب أن تكون بين العبد وربّه، علاقة ثقة مطلقة، لا تشوبها الظنون ولا يخرقها التردد
اليقين ليس كلمة تقال، ولا شعورًا لحظيًّا…
إنه عقيدة في القلب، تُترجمها السلوكيات في لحظات الشدة، وتُختبر في الأزمات.
أن تكون موقنًا بالله، يعني أنك تُسلم له الأمر دون أن تعرف كيف سيُدبّره…
أن تثق أنه يرى، يسمع، يعلم، ويُدبّر من حيث لا تحتسب.
وأن تترك القلق جانبًا لأنك تعلم أن الله أرحم بك من نفسك، وأن ما كتبه لك خير، حتى وإن غاب عنك معناه
ما أجمل أن نعامل الله بثقة، لا بطلب ضمانات!
أن نركن إلى ركنه الشديد، لا إلى من حولنا…
أن نحسن الظن لا لأن الواقع وردي، بل لأن رب الواقع هو الله
كثيرون يعيشون حياةً مشوّشة لأنهم يُريدون أن يروا النتيجة قبل أن يزرعوا البذرة،
يريدون إجابة قبل الدعاء، ويريدون معجزة وهم لا يملكون اليقين.
لكن الله، في عدله وحكمته، لا يعطي اليقين لمن يشكّ،
ولا يفيض بالمعجزات على من يُطالبه بتقارير مسبقة
إن المعجزات لا تُمنح لمن يراقب الساعة، بل لمن يراقب قلبه وهو يزداد طمأنينة في كل لحظة تأخير.
لا تُعطى لمن يستعجل، بل لمن يسكن في حضرة الثقة بالله.
وما أجمل اليقين حين يسكن قلب امرأة تدعو لولدها في صمت،
أو رجل يطرق أبواب السماء من غير ملل،
أو قلب حائر، تائه، لكنه اختار أن يطمئن لأنه يعلم أن “مع العسر يُسرًا”،
ولأنه يثق أن الله لا يُخلف وعده أبدًا 
حين نعامل الله باليقين، لا تعود الظروف تخيفنا،
ولا تأخير الاستجابة يُضعفنا،
بل نزداد قربًا، وارتقاءً، واطمئنانًا
حينها فقط تتنزل المعجزات في الوقت المناسب وبالطريقة الأجمل، لأن الله لا يُخطئ في التوقيت، ولا في التقدير
ولعلّ أجمل ما في اليقين أنه لا يُطلب دفعة واحدة، بل يُبنى بالتراكم…
بكل تجربة مررنا بها ونجّانا الله منها، بكل دعاء لم يُستجب في وقته لكنه عاد علينا خيرًا لاحقًا،
بكل دمعة سالت ثم جاء بعدها فرج لم نتوقعه،
بهذه اللحظات الصغيرة، يتكوّن يقيننا الكبير.
إن علاقتنا بالله ليست قائمة على تبادل المنفعة،
بل على الحب والثقة والتسليم،
على أن تقول: “اللهم اختر لي ولا تخيّرني”،
ثم تمضي مطمئنًا مهما كانت النتيجة، لأنك تعلم أن الله لا يختار إلا الأفضل، حتى لو جاء على غير ما تهوى
في زمان أصبح الناس فيه يلهثون خلف التفسيرات، والتحليلات، و”الخطة البديلة”،
نحتاج أن نُعيد تعريف الإيمان داخلنا…
نحتاج أن نرجع إلى الأصل، إلى السكون، إلى أن نقول لأنفسنا: “اطمئن، هو الله.”
وما أجمل تلك اللحظة التي توقن فيها أنه لو اجتمعت الدنيا كلها على أن تُعطيك شيئًا لم يكتبه الله لك، فلن تناله
وأنك لو كنت وحدك، ولم يكن معك سوى الله، فقد كفاك
هذه اللحظة هي بداية المعجزة
احيانا لا يمنع الله عنا الابتلاء بل يمنحنا القدرة على تحمله
لا يُبعد عنّا الألم، بل يُرسل في القلب سكينة تغمرنا وسط العاصفة
وهذا بحد ذاته، من أعظم صور المعجزات أن تبقى واقفًا وأنت مُحاط بكل أسباب السقوط، لأن الله معك
كم من مرة قُطعت بك السبل، ثم فُتحت لك أبواب لم تكن في الحسبان؟
كم من مرة قلت: “لا أمل”، ثم أتى الفرج؟
كم من مرة ظننت أنها النهاية، فإذا بها بداية فصلٍ جديد من الرحمة؟
كل هذه المرات، لم تكن صدفة… كانت نتيجة يقين سابق، وثقة دفينة، ودعاء خفيّ ما نسيه الله أبدًا.
الختام
علّمنا الشعراوي أن الإيمان ليس في عدد الركعات فقط، بل في عمق العلاقة مع الله
أن الثقة بالله ليست رفاهية روحية، بل ضرورة نفسية وواقعية
فلا تعامل ربك بالقلق، لا تُرهق نفسك بالحسابات بل عامله باليقين
وابشر، فإن الله سيعاملك بما لا يخطر على قلب بشر - و في النهاية هناك جملة دائما ما أرددها لنفسي - كيف تحزن او تحمل هما و ربك هو ارحم الراحمين

اضف تعليقك على المقال