يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

دوام الكرسي.. وهم أم إستحقاق ؟!

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبد السلام الدباء*

في عالم الإدارة ومواقع صنع القرار، يظل سؤال الاستمرارية في المنصب من أكثر القضايا حساسيةً وجدلاً.. فرغم أن طبيعة الوظائف القيادية والمؤسسية تقتضي التجديد والتطوير المستمر، إلا أن الواقع في كثير من الدول والمؤسسات – خصوصا في العالم العربي – يشير إلى عكس ذلك، حيث يتحول الكرسي من تكليف مؤقت إلى ملكية خاصة، ومن مسؤولية إلى غنيمة طويلة الأجل، أحيانا بلا حساب ولا نهاية.

وتشير الأبحاث الإدارية الحديثة إلى أن بقاء المسؤول في منصبه لأكثر من أربع إلى ست سنوات غالباً ما يؤدي إلى خلل في التوازن المؤسساتي.. فبعد هذه المدة، تبدأ أعراض “التورم السلطوي” في الظهور على المسؤول، فيشعر بالتفرد والسيطرة، وينسى أن منصبه مؤقت مهما طال.. وتبدأ خطواته نحو ترسيخ شبكة من المصالح والولاءات الشخصية، فيتحول من قائد إداري إلى حاكم فعلي، لا يطيق النقد ولا يسمح بالمراجعة، ويحيط نفسه بدائرة مغلقة من المتملقين.

الأخطر من ذلك أن كثيرًا من هؤلاء، بعد بقائهم لسنوات طويلة في المناصب، يبدؤون بتخطيط إفشال من يأتي بعدهم، إما انتقاما، أو حفاظا على "أسطورتهم الشخصية". وهكذا، تصبح المؤسسة ضحية لأنانيته، فتفقد قدرتها على التجديد وتُصاب بالجمود، بل وتنهار أحيانا تحت وطأة شبكات النفوذ التي زرعها.

في المقابل، فإن تداول المسؤوليات والتغيير الدوري يعدّ من أهم معايير الحوكمة الجيدة.. فالتغيير لا يعني بالضرورة الفشل، بل قد يكون مؤشراً على النضج المؤسسي.. فكم من قائد ناجح، غادر منصبه بعد دورة أو دورتين، وترك خلفه تجربة تُحتذى، وفتح الطريق أمام جيل جديد من المبدعين.. ومن جهة أخرى، فإن إعفاء بعض المسؤولين قد يكون طوق نجاة لهم للعودة إلى حياتهم الخاصة، والتأمل في ما قدموه، أو التفرغ لما هو أهم، بعيدا عن ضغوط الإدارة ومهام القيادة.

ولعل السؤال الأهم الذي يجب أن يُطرح على كل مسؤول: هل كرسيك وسيلة لتحقيق التنمية، أم غاية بحد ذاته؟ وهل ترى نفسك مستحقا له إلى الأبد، أم أنك مجرد عابر سبيل يؤدي واجبا ويمضي؟

فيا من تحسب أن الكرسي قد خُلق لأجلك وحدك، تذكّر أن الفراعنة رحلوا، وأن المناصب تُمنح لتُدار لا لتُحتكر.. وانها لو دامت لغيرك ما وصلت اليك .. ولكن، تُرى من يجرؤ على خلع من تعلّق بالكراسي كما يتعلّق الطفل بلعبته؟
___
*مستشار وزارة الشباب والرياضة

اضف تعليقك على المقال