يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

الذكاء الاصطناعي بين الحياد والسيطرة !!

عبدالسلام الدباء

 

الكاتب : عبد السلام الدباء*

في خضم الطفرة التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، يبرز الذكاء الاصطناعي كأداة مؤثرة تتسلل إلى تفاصيل الحياة اليومية، من المساعدات الشخصية، إلى كتابة التقارير، وحتى تحليل القضايا العالمية المعقدة.. لكن السؤال الذي يفرض نفسه أمام هذه الهيمنة التكنولوجية: كيف سيتعامل الذكاء الاصطناعي مع القضايا المثيرة للجدل، خاصة تلك المحاطة بالخلافات السياسية والدولية؟ وهل يملك فعلاً القدرة على تقديم إجابات موضوعية ومستقلة، أم أن مراكز القوى العالمية ستفرض رواياتها عليه كما فعلت على وسائل الإعلام التقليدية؟

الإجابة ليست بسيطة، ولا يمكن حصرها في موقف واحد.. فالذكاء الاصطناعي، في جوهره، ليس كائناً واعياً أو مستقلاً.. بل هو نتاج خوارزميات تدربت على كميات هائلة من البيانات، تحت إشراف وتوجيه بشريين.. لذلك، ما يقدمه من معلومات وتحليلات لا ينفصل عن مصادر تدريبه، ولا عن السياسات التي تحكم تشغيله وتطويره.

عند التفاعل مع قضايا سياسية أو اجتماعية خلافية، يحاول الذكاء الاصطناعي ــ بشكل عام ــ أن يتبنى نبرة محايدة قدر الإمكان.. فهو يميل إلى:

_ الاستناد إلى الحقائق الموثوقة والمعترف بها على نطاق دولي.

_ تقديم خطاب متوازن يعرض الآراء المختلفة دون تحيز.

_ تجنب الترويج لأي طرح متطرف أو إثارة الخلافات بشكل مباشر.


غير أن هذه الحيادية "المثالية" تصطدم أحياناً بحقيقة أن البيانات التي يتغذى عليها الذكاء الاصطناعي كثيراً ما تكون خاضعة لهيمنة القوى الكبرى، إعلامياً وسياسياً.. فالشركات التقنية الكبرى، التي تتحكم في تطوير هذه الأنظمة، قد تكون بدورها واقعة تحت ضغوطات سياسية أو اقتصادية، مما يفتح الباب أمام احتمالات فرض توجهات معينة على أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل غير مباشر.

هذا الواقع أطلق تحذيرات من خبراء ومراكز بحثية تطالب بوضع معايير دولية تضمن الشفافية والمساءلة في عمل الذكاء الاصطناعي، وتمنع تحوله إلى أداة دعاية ناعمة بأيدي المتنفذين.

في المحصلة، يحاول الذكاء الاصطناعي أن يكون موضوعياً، لكنه لا يملك حصانة مطلقة ضد التأثر بالرقابة البشرية والسياسات العالمية.. وهنا تبرز مسؤولية المستخدمين، الذين ينبغي أن يتعاملوا مع مخرجات الذكاء الاصطناعي بنفس الحذر الذي يتعاملون به مع أي مصدر معلومات آخر: بعقلية نقدية، ومن خلال التحقق من مصادر متعددة.

إنه تحدٍّ جديد لعصر جديد… حيث الذكاء الاصطناعي ليس الخصم ولا الصديق، بل أداة تتشكل وفق أيدي من يتحكم بها..
___
*مستشار وزارة الشباب والرياضة - صنعاء

اضف تعليقك على المقال