يمن اتحادي هو منصة إخبارية رقمية رائدة تسعى لتقديم تغطية شاملة وعميقة للأحداث الجارية في اليمن، مع التركيز على تقديم صورة واضحة وموضوعية للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد

بين مطرقة الفرار من الحوثيين وسندان الأمن السياسي في مأرب: من يحمي الفارين؟

عادل الشجاع

الكاتب : عادل الشجاع

في خضم الحرب التي تعصف باليمن منذ أكثر من تسع سنوات، أصبحت مأرب ملاذًا رئيسيًا للهاربين من بطش جماعة الحوثي في مناطق سيطرتها، إلا أن التقارير الأخيرة عن قيام جهاز الأمن السياسي في مأرب باعتقال هؤلاء الفارين ووضعهم في السجون، قبل إجبارهم على توقيع تعهدات بالعودة إلى صنعاء، تثير أسئلة مؤلمة حول من يخدم من، وأين تقف الشرعية من حقوق الإنسان؟.

واقع الفارين من مناطق الحوثيين:

هؤلاء الفارون غالبًا ما يكونون ضحايا حرب، لا أدواتها،فمعظمهم يهربون من التجنيد الإجباري، أو من التضييق الفكري والسياسي، أو لأسباب إنسانية بحتة،وجهتهم الأولى عادة ما تكون مأرب لما تمثّله من رمزية كمنطقة تحت سلطة الحكومة الشرعية، ومركز نسبي للأمان..

لكنهم يُفاجَأون بعد وصولهم باعتقالهم من قِبل جهاز الأمن السياسي، ثم احتجازهم لأيام أو أسابيع، وأحيانًا يتم إجبارهم على توقيع تعهدات بعدم العودة إلى مأرب مجددًا، بل والعودة إلى مناطق الحوثيين، حيث الخطر الحقيقي على حياتهم..

سؤال جوهري: هل يشكل هؤلاء خطرًا فعليًا على مأرب؟

من الناحية الأمنية، قد يُقال إن هناك مخاوف من تسلل عناصر استخباراتية حوثية وسط الفارين، هذا احتمال وارد في ظل واقع الحرب، لكنه لا يبرر سياسة جماعية تشمل جميع الفارين دون تمييز أو تحقيق عادل،فالتعامل مع كل فارّ كمشتبه به هو نوع من العقاب الجماعي، ويُعد خرقًا واضحًا لأبسط مبادئ العدالة..

فإذا كان هناك خطر، فإن الوسيلة المُثلى هي التحقيق المهني، والتعامل الفردي مع الحالات، لا اتخاذ إجراءات عقابية شاملة تنتهي بإعادة الناس إلى مناطق الخطر..

من يخدم هذا السلوك؟

السياسة التي ينتهجها الأمن السياسي في مأرب، كما توصف، تصب بشكل غير مباشر في مصلحة الحوثيين، إذ تنشر الخوف في أوساط الراغبين في الهروب من قبضتهم، وتُرسل رسالة واضحة بأن الهروب إلى “الشرعية” ليس خلاصًا بل قد يكون مصيدة،
بهذه الطريقة، يتحول جهاز أمني يُفترض به أن يحمي الناس إلى أداة ردع تقف في وجه من يحاول النجاة بنفسه من سلطة الحوثيين..

المسؤولية الأخلاقية والقانونية:

المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، والسلطة الشرعية نفسها، مطالَبون اليوم بموقف واضح من هذه الممارسات، فحرمان أي إنسان من حقه في اللجوء إلى مناطق أكثر أمنًا، واعتقاله دون تهمة أو محاكمة، وإجباره على العودة إلى بيئة تهدده بالسجن أو الموت، هو انتهاك صريح لكل المعايير الأخلاقية والقانونية..

خلاصة القول:

السؤال الحقيقي الذي يجب أن يُطرح اليوم: هل أصبحت مأرب، وهي التي صمدت طويلاً بوجه الحوثيين، تتنازل عن قيمها ومبادئها تحت ضغط الخوف أو النفوذ السياسي؟ وإذا لم تكن المناطق “الشرعية” ملاذًا للهاربين من القمع، فأين يذهب المظلومون؟.

اضف تعليقك على المقال