الكاتب : أشرف محمدين
كثرت الجراح وأصبحت الخيبات ملامحَ يومية في وجوه النا حيث وُلد نوع جديد من الألم، ليس في أن تكون ضحية فقط، بل أن تتحوّل من الضحية إلى الجلاد!
كم من شخصٍ تألم حدّ الانكسار، ثم حين امتلك زمام القوة، مارس نفس الأذى الذي كاد أن يُدمّره… لكنه لم يتذكّر.
نسي شعوره حين خُذل، نسي دموعه حين وُضع في الزاوية، نسي كيف كان ينام على صوته المبحوح من القهر، واستيقظ في ثوب جديد، يُعيد نفس الجرح، ويبرره بـعبارة أنا اتعذبت كتيرا
وكأن الألم شهادة تبرّر لك أن تُذيق غيرك نفس المرارة
لماذا يحدث ذلك؟
هناك من لا يشفى بل يتحوّل.
هناك من يعتقد أن القوة تعني “الرد”، وأن النُضج يعني “المعاملة بالمثل”، فيغرق في وهم الانتقام وهو لا يدري.
وأسوأ من الجلاد؟
الذي كان يعرف طعم الألم، ثم أذاقه لغيره بدمٍ بارد، وسماها “حياة”. في العلاقات والمجتمع
نرى هذه الدائرة كثيرًا:
أب كان ضحية قسوة أبيه، فيُصبح أكثر قسوة مع أبنائه.
زوجة كانت ضحية صمت، فتصبح حائط صد لا يُطاق.
مدير كان موظفًا مسحوقًا، فحين تولى المسؤولية، طحن كل من تحته.
وكأن كل من تألم، أقسم ألا يُنسى الألم… لكنه لم يُقسم ألا يُكرّره.
لحظة مواجهة النفس
القوة الحقيقية ليست في ردّ الألم، بل في كسر السلسلة.
أن تتذكّر: أنا كنت هناك، ونجوت… وسأجعل من نجاتي نورًا، لا سيفًا.
أن تتوقّف عند لحظة الظلم، وتختار أن تكون مختلفًا.
أن تتحوّل من ضحية واعية، إلى قائد متسامٍ… لا جلادٍ آخر في طابور الجراح.
الأمل دائما حاضر
ربّما لم نختر أن نُؤذى… لكننا دومًا نختار ألا نؤذي.
ربّما لم نجد من يحتضننا حين سقطنا، لكننا نستطيع أن نكون الحضن لغيرنا.
ربّما لم تُنصفنا الحياة، لكننا نستطيع أن نمنح جزءًا من الإنصاف لمن حولنا.
والإنسان الحقيقي لا يُقاس بمدى ما تحمّل، بل بما اختار أن يكون بعد تحمّله.
فلا تكن الجلاد الذي كنت تكرهه
كن الشخص الذي تمنيت أن يكون بجانبك حين كنت مكسورًا.
والنهاية ليست أن تُؤلم كما تألمت…
النهاية الحقيقية، أن تُحب كما تمنّيت أن تُحَب، وتُعامل كما حلمت أن تُعامَل، وتغفر لا لأنهم يستحقون، بل لأنك تستحق السلام.
اضف تعليقك على المقال