الكاتب : عمر الحار
لم يتغير الحنين الجارف لقريتي التي تغير كل شيئا فيها ، ولم يتبق شئٍ من اسمها الخضراء الذي كان يدل عليها اسما و مسمى ، باستثناء معالم بيتوتها الطينية التي تزهو في العلو بسمو نفوس مؤسسيها من الاهل ، و الاجداد بطريقة تحكي حجم هيامهم بها و بجمال مزارعها ، و غابات النخيل ، المنقرضة والباقية بعض من شواهد باسقاتها اليابسات الساق والقلب والاوراق ، لكنها متشبة بالجذور بالارض حبا لها . بعد ان جفت ينابيع مياهها الرقراقة في السواقي لمئات السنين .
كان اشتياقي لقريتي الغالية فوق العادة ، شديداً شديدا ويفوق قدرتي على وصفهِ وبفارق كبير وملحوظ عن تلهفي لزياراتها في كل المناسبات العامة والخاصة . ربما لانها جاءت بعد خروجي بحفظ الله من وطأة الازمة الصحية التي عصفت بحياتي لاكثر من شهر ، و غيرت كثيرا من انعم وطبيعة عمل اجهزتها الربانية العظيمة التي لم اشك باس فيها طوال السنوات الماضية من العمر ، و لاقدرة لي على شكر ربي على دوام عملها بانتظام لما يقارب خمسة عقود خلت ، مستوجبة الذكر والشكر له في كل ساعة و حين .
وما شجعني على الكتابة عن قريتي ليلة العيد ، هو تمسكها الاصيل بالاحتفاء بهذه الشعرية العظيمة ، الصادحة التكبيرات الخاصة بها من مكبرات الصوت في مسجدها العامر بشواهد الايمان المتجدد في كل جيل على حجم انقراض مراجع القرية و عقالها ، و جمال امتزاج تناغم اصوات التكبيرات مع اصوات اللالعاب النارية للاطفال المظهرة فرحتهم الكبيرة بالمناسبة ، مما يعطيها طابعها الجميل .
اضف تعليقك على المقال