الكاتب : أشرف محمدين
في عالمٍ اعتدنا فيه أن تُلصق تهمة “النكد” بالنساء، وأن تُحمّل على أكتافهن وحدهن مسؤولية التقلبات المزاجية والمواقف المشحونة، قد حان الوقت أن نسلّط الضوء على وجه العملة الآخر… نكد الرجال.
نعم، الرجال ينكدون أيضًا، بل أحيانًا يكون نكدهم أكثر تعقيدًا وأشد وقعًا، لأنهم غالبًا ما يخفونه خلف أقنعة الصمت، أو يمررونه على شكل سخرية، أو عناد، أو حتى تجاهل بارد!
أنواع نكد الرجال
1. النكد الصامت:
وهو الأشهر على الإطلاق. لا كلمات، لا عتاب، لا تفسير. فقط وجوه عابسة، وأجوبة مقتضبة، و”أه” و”ماشي” و”براحتك”. هذا النوع يُرهق الطرف الآخر أكثر من أي نكد صريح، لأنه يُشعل القلق ويزرع التوتر في كل لحظة.
2. نكد المقارنة:
“شوفي جوز صاحبتك بيعمل إيه!”… أو “أنا مش فاضي زي غيري!”، وهنا تبدأ المقارنات التي تقلب الدفء برودة، وتحوّل أي لحظة حلوة إلى شعور بالنقص أو الذنب.
3. نكد البخل العاطفي:
هو النوع الذي لا يقول “بحبك”، ولا يمدح، ولا يدعم، ولا يسمع. فقط يتوقع أن يُفهم ويُحتوى دون أن يفتح قلبه أو يبذل مجهودًا. وهذا النوع من النكد قاتل للعلاقة ببطء شديد.
4. نكد اللوم الدائم:
مهما حصل، المسؤولية دائمًا على الطرف الآخر. إن فشل في عمله، فأنتِ السبب. إن تأخر عن مناسبة، أنتِ التي لم تُذكّريه. هذا النوع يُرهق العلاقة ويجعلها حلبة صراع دائم.
نكد أم احتياج؟
دعونا لا نظلم الجميع. بعض نكد الرجال ما هو إلا صرخة غير معلنة. الرجل في مجتمعاتنا تربّى على كبت المشاعر، وعلى فكرة أن البوح ضعف، وأن الشكوى عيب. فكبر وهو لا يعرف كيف يُعبّر، فاختار أن “ينكد” بدلاً من أن “يتكلم”.
كيف نتعامل مع نكد الرجل؟
• افهمي قبل أن تحكمي: أحيانًا يكون خلف النكد جرح قديم، أو إحباط متكرر.
• افتحي مساحة للكلام: دون تهكم أو اتهام، فقط استمعي.
• ما ترديش النكد بنكد: لو قابلنا النكد بنكد، هتبقى علاقة فيها سباق للصمت واللوم، مش سباق للحب والتفاهم.
كلمة للرجال…
النكد لا يُثبت الرجولة، ولا يُغني عن المصارحة. علاقتك بشريكة حياتك مش ساحة معركة. الحنية مش ضعف، والكلمة الطيبة مش رفاهية. جرب إنك تقول اللي مضايقك… بس من غير ما تعاقب اللي بتحبها بصمتك أو برودك.
في النهاية…
نكد الرجال حقيقة، لكنه مش لعنة. ممكن نصلحه، نفهمه، ونتجاوزه. المهم يكون فيه نية للحب، ورغبة في بناء علاقة صحية، مش بس تبادل أدوار في لعبة “مين ينكد أكتر؟”.
وسلامٌ على كل رجل قرر يخرج من عباءة الصمت… ويحكي.
فاذا شعرت يومًا بالضيق، افتكر إنك مش لوحدك. كلنا نمر بلحظات من “النكد”، لكن لو خرجنا منها بفهم ومرونة… هنكتشف إن كل لحظة صمت كانت فرصة جديدة لبداية صحية مع بعضنا البعض، لو اتعلمنا منها وعشناها بحب.
اضف تعليقك على المقال