الكاتب : أشرف محمدين
الغيرة بين الأزواج ليست دائمًا دلالة على الحب العميق، بل قد تعكس مشاعر أخرى تحتاج إلى فهم ورعاية. ففي بعض الأحيان، تصبح الغيرة من النجاح في العمل، سواء من أحد الطرفين أو كليهما، عاملًا مؤثرًا في العلاقة الزوجية.
تعتبر الغيرة من النجاح، سواء كان الطرف الناجح هو الزوج أو الزوجة، أحد الأسباب التي تؤدي إلى حدوث توترات بين الطرفين. فعندما يشعر أحد الطرفين أن الآخر أكثر نجاحًا، أو يحظى بالاهتمام والاعتراف في محيط عمله، قد يعتقد أنه أصبح في الظل. هذا الشعور قد يؤدي إلى تقليل التقدير المتبادل، ويخلق مشاعر سلبية داخل العلاقة الزوجية.
فعلى سبيل المثال، الزوجة التي ترى أن زوجها يحصل على الكثير من التقدير في عمله، ويحظى بالشهرة، قد تشعر بالحزن أو الغضب من ذلك، وتبدأ في الشعور بأنها غير مهمة بالنسبة له. أما الزوج الذي يرى زوجته تحظى بالنجاح والشهرة قد يشعر بمشاعر مشابهة، وقد تبدأ الغيرة تتسلل إلى قلبه.
لكن، إذا تم توجيه هذه الغيرة بشكل صحي، فإنها قد تتحول إلى دافع للنجاح المشترك.
أنواع الغيرة بين الأزواج
1. الغيرة الإيجابية:
هذه الغيرة تأتي من رغبة الطرفين في تحفيز بعضهم البعض على النجاح والتفوق، دون أن يشعر أحدهما بالتهديد من الآخر. وتُظهر هذه الغيرة اهتمامًا حقيقيًا بمستقبل العلاقة، حيث يسعى كل طرف إلى دعم الآخر في تحقيق أهدافه الشخصية والمهنية.
2. الغيرة السلبية:
هذه النوعية من الغيرة قد تكون مدمرة، حيث يشعر الطرف غير الناجح بالتهديد أو القلق من مكانته في الحياة الزوجية بسبب نجاح الآخر. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تنافس غير صحي، مما يهدد استقرار العلاقة.
3. الغيرة القاتلة:
وهي حالة متقدمة من الغيرة السلبية، حيث يبدأ الطرف الغيور في سعي مستمر لتحطيم أو تقليل نجاح الآخر. هذه الغيرة قد تؤدي إلى مشاعر الحقد والكراهية، وإذا لم يتم معالجتها بشكل صحيح، فإنها قد تفضي إلى النهاية المحتومة للعلاقة.
الغيرة الصحية هي تلك التي تُشعر الطرفين بأن نجاح أحدهما يعزز من العلاقة، وأنهم ليسوا في منافسة مع بعضهم البعض، بل هم شركاء في النجاح.
كيف يمكن تحويل الغيرة السلبية إلى غيرة صحية؟
1. التواصل المفتوح:
يعتبر الحوار المستمر والصريح بين الزوجين أمرًا بالغ الأهمية. يجب على كل طرف التعبير عن مشاعره بصراحة، وتوضيح سبب مشاعره تجاه النجاح في العمل. قد تكون مشاعر الغيرة ناتجة عن القلق أو الحاجة إلى الاهتمام، لذلك من المهم أن يتم فهم دوافع هذه المشاعر.
2. الوعي الذاتي:
على كل طرف أن يكون واعيًا بمشاعره، ويعترف بها دون خجل. يجب أن يتعرف كل طرف على الأسباب التي تجعله يشعر بالغيرة، وهل هي ناتجة عن عدم الأمان أو نقص التقدير، أم أنها غيرة صحية من رغبة في التميز؟ الفهم الذاتي يسهم في التعامل مع الغيرة بشكل إيجابي.
3. الدعم المتبادل:
يجب أن يعمل الزوجان معًا في دعم وتقدير نجاحات بعضهما البعض. يمكن أن يتحقق ذلك من خلال تشجيع الطرف الآخر في مسيرته المهنية، واحتفال الإنجازات معًا. كما أن التقدير المستمر والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة في حياة الآخر يساعد في تقوية العلاقة الزوجية.
4. وضع حدود واضحة:
تحديد الحدود المقبولة والمناسبة في العمل والمجتمع يساهم في تقليل أسباب الغيرة. عندما يكون لكل طرف مساحة من الاستقلالية والحرية في العمل أو في الحياة الاجتماعية، فإن ذلك يعزز من الثقة بين الزوجين ويقلل من المشاعر السلبية.
دور الدين في علاج الغيرة
في الإسلام، يُحث على التقدير والاحترام المتبادل بين الزوجين. وقد جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “من لا يشكر الناس لا يشكر الله”، وهو دعوة للتقدير والاحترام لكل من حولنا، بما فيهم الأزواج. الدين يحث على التعاون والمشاركة في الحياة الزوجية، والتأكيد على أن النجاح لا يجب أن يكون سببًا للتنافس بين الزوجين، بل يجب أن يكون دافعًا لتعزيز العلاقة.
يجب أن نذكر أن الغيرة ليست بالضرورة شيئًا سلبيًا، وإنما هي شعور طبيعي عندما يكون الطرف الآخر جزءًا من حياتك وتريد له الأفضل. لكن إذا تحولت الغيرة إلى مصدر للخلافات والتوترات، يجب أن يتعامل معها الزوجان بحذر وبوعي.
وفي الختام،
الغيرة بين الأزواج لا يجب أن تكون سببًا في إضعاف العلاقة، بل يمكن أن تكون وسيلة لتحفيز النجاح المتبادل إذا تمت معالجتها بشكل صحي. فالأزواج الناجحون هم أولئك الذين يدعمون بعضهم البعض ويعتبرون النجاح المشترك هو الهدف الأسمى. والغيرة، إذا تم توجيهها بشكل صحيح، يمكن أن تتحول إلى أداة لبناء علاقة أكثر قوة
اضف تعليقك على المقال