الكاتب: شعيب الأحمدي
العادات والتقاليد القبلية والمجتمعية التي ترى أن مستقبل المرأة بين حيطان المطبخ الأربعة، أو في بيت زوجها فقط، لا تختلف عن نظرية السجان الذي يعامل المختطف المعارض بوحشية، دون أن يلتزم بأخلاقيات حقوقية وإنسانية.
في القرن الواحد والعشرين، ما زال في اليمن من يراهن أن المرأة العاملة عورة، حتى وإن كان عملها الخاص. لذا، يجب معالجة هذه الظاهرة في الأدب اليمني بطريقة سليمة. وبرأيي الشخصي، أفضل أن تكون المعالجة عبر الحوار الفعال بين الشخصيات، بدلًا من السرد الطويل، لأن الحوار يؤثر بشكل أكبر على القارئ.
"خضرا" هي رواية للكاتبة والأديبة اليمنية الأستاذة العزيزة "حورية الإرياني"، وهذه المرة الأولى التي أقرأ لها سردًا كاملًا (حوالي 177 ورقة) وهذا رأي قارئ.
الرواية جميلة إلى حد ما وتناقش قضية مجتمعية كانت تعيشها اليمن، وربما ما زالت تعيشها بعض المناطق القبلية والريفية. تعكس الرواية كيف تكبر الفتاة إلى عمر محدد ثم تتعلم الطبخ وتذهب إلى بيت زوجها، كما فرضت عليها التقاليد المتوارثة.
بدأ الأدباء والأديبات اليمنيات في نزع العقدة المتوارثة -كما أراها- عقدة العار التي تلاحق أحلام وطموحات النساء والشباب على حد سواء، في الحرية باختيار شريك الحياة والعمل في المشاريع العامة والخاصة، عن طريقة الكتابة السردية الطويلة كالرواية والقصة. ولكن كما أشرت أنفًا، يكثر السرد التوجيهي، ويترك الحوار دون تعديل سلوكيات المجتمع وتغيير المفاهيم، وقد يكون للكاتب حجة لاختيار ما يناسب فكرته.
وجدت "خضرا" بطلة الرواية، ابنة الخمس السنوات، نفسها تعيش مع امرأة جميلة وأنيقة، تعاملها كصديقة لا كأم. لها هيبة رهيبة ومخيفة، ستظل تلاحقها بسبب الخوف. ثم بعد ذلك وجدت نفسها متسولة، وهو واقع يعيشه الكثير من الأطفال والنساء في اليمن بسبب النزاع الحاصل في البلاد أو بسبب الأسرة التي تلاحق لقتلها بسبب وصمة العار.
عاشت خضرا في الخدمة لسنوات عديدة مقابل المأكل والمشرب والسكن، حياة مهينة وسيئة. استطاعت الكاتبة من خلال السرد أن تلفت الانتباه لقسوة النساء المستضيفات، وكيف يختلقن الكراهية لمن لا يرغبن في وجوده وإن كان ينفعهن.
بدأت لي محاولة خضرا في انتشال المرأة اليمنية من بين ضيق العادات والتقاليد، واختيار ما يناسب حياتها، محاولة صعبة ولن تتحقق إلا بتغيير الدائرة الاجتماعية التي تعيش فيها. وقد فعلت ذلك، غادرت البلاد إلى الغربة في بلاد أجنبي لمدة ثلاثة أشهر، وشاهدت كيف يعيش الآخرون، وشعرت بالحسرة على حال اليمن و أهله. ربما هذه تجربة مفيدة بعض الشيء، لكن ليس بإمكان جميع النساء السفر إلى الخارج لأجل العيش.
وبرأيي لتحقق المرأة أهدافها وطموحاتها، تحاج إلى صبر كبير لتتحمل المسؤولية، والظروف الصعبة التي ستواجهها. ويجب أن تمتلك شجاعة النقاش مع الأهل والأصدقاء. وهذا ما فعلته خضرا، لقد اختارت الحياة بحرية وعاشت وحدتها ومعاناتها، وفتحت لنفسها طريقًا مخالفًا عن الجميع.
بالأدب سنصنع مجتمع واعٍ، ملتزم بم له وما عليه من أدوار في بناء البلاد. الحرية تعني العيش الكريم، واحترام العادات والتقاليد كما يراها الفرد، لا كما تفرضها عليه الأسرة والقبيلة. الأسرة التي تتسم بالثقة وتبادل الآراء في المسائل الشخصية هي الأسرة الكريمة، التي تعيش حياة سعيدة وسليمة مهما كانت الظروف التي تمر بها.
أتمنى لكِ دوام التوفيق في أعمالك القادمة، أستاذة حورية
اضف تعليقك على المقال