الكاتب ؛ عبد السلام الدباء*
في معترك الحياة وتقلّب الأيام، تتبدل المناصب كما تتبدل الفصول، فلا شيء يدوم، ولا سلطة تبقى أبدية.. قد يجلس الإنسان على كرسي المسؤولية لسنوات، لكنه في لحظة ما سيترجّل عنه، تاركًا خلفه إرثًا من الذكريات والمواقف التي ستحدد كيف سيتذكره الناس: بالدعاء له أم بالدعاء عليه؟
المناصب لا تصنع الرجال، بل الرجال هم من يصنعون المناصب.. فالشخص الذي يحسن استغلال منصبه لخدمة الناس بعدل ونزاهة، سيبقى في قلوب الناس حتى بعد رحيله، أما من استغل سلطته للبطش والغرور والتسلط، فسيجد نفسه وحيداً، محاطاً بلعنات ومقت من ظلمهم.
الحقيقة التي يغفل عنها البعض هي أن النفوذ مؤقت، والمكانة الإجتماعية لا تضمن الإحترام الدائم.. لأن ما يدوم فعلاً هو الذكر الطيب، والعلاقات الإنسانية المبنية على الإحترام والتقدير.. لا أحد يخلد في منصبه، لكن الأثر الطيب يظل خالداً في الذاكرة الجماعية للناس.
حين يغادر الإنسان منصبه، لن يتذكره الناس بعدد الأوامر التي أصدرها، أو بعدد المرات التي جلس فيها على كرسيه، بل سيتذكرونه من خلال موقفاً نبيلاً سجل فيه وقفته، او من خلال عدلاً أنصف به مظلوما، او انتزع به حقاً لصاحبه، أو من خلال إبتسامةٍ رسمها على وجه محتاج.. فالقوة الحقيقية لا تكمن في فرض السلطة، بل في كسب القلوب.
التاريخ مليء بأمثلة لمسؤولين رحلوا عن مناصبهم، لكن أسماءهم بقيت تُذكر بكل احترام، لأنهم زرعوا الخير والعدل في طريقهم.. وهناك آخرون، رغم طول بقائهم في السلطة، لم يتركوا وراءهم إلا صفحات سوداء من المواصقف والتصرفات التي علقت في ذاكرة الناس.
لذلك، على كل صاحب منصب أن يدرك أن الدنيا لو دامت لغيره لما وصلت إليه، وعليه أن يكون قدوة صالحة، وأن يترك بصمة مشرقة للأجيال القادمة من بعده.. فحين يأتي اليوم الذي يترجّل فيه عن كرسيه، فليس من الجيد أن يقال عنه: "كم ظلم وتجبر"، بل إنه يُذكر بعبارة طيبة وجميلة عنوانها : "رحل وترك أثراً طيباً".
-----
*مستشار وزارة الشباب والرياضة
.
اضف تعليقك على المقال