الكاتب : أشرف محمدين
في مجتمعنا، ترسّخت بعض المفاهيم الخاطئة التي تصور الرجل الحنون كأنه ضعيف، والمرأة التي تبادل زوجها الحنان كأنها خاضعة. وكأن الزواج يجب أن يكون ساحة للصراع وليس مودة ورحمة كما وصفه الله في كتابه العزيز: “وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً”. فمتى أصبح التعبير عن الحب جريمة؟ ومتى صار العطف بين الزوجين نقيصة؟ هل أصبحنا نخلط بين الحب والضعف، أو بين القوة والقسوة؟
الحنية ليست ضعفًا بل ثقة بالنفس
الرجل القوي ليس من يكتم مشاعره أو يعامل زوجته بقسوة ليُثبت رجولته، بل من يُظهر حبّه دون خجل، ويُشعر زوجته بالأمان دون أن يخشى كلام الناس. فالرجل الواثق من نفسه لا يرى أن الحنية تهدد هيبته، بل يدرك أنها سر احتواء شريكته وسعادته معها. كما أن قوة الرجل تكمن في قدرته على التحمل والتضحية في سبيل إسعاد من يحب. الحنان هنا لا يُعتبر علامة ضعف، بل هو أحد أشكال القوة الداخلية التي تمنح الرجل القدرة على الاستقرار العاطفي، وتساهم في بناء علاقة متينة قائمة على الثقة والاحترام.
الرجل الذي يحتضن زوجته في أزماتها، ويشاركها لحظات فرحها، ويمسح دموعها عند حزنها، ليس ضعيفًا، بل هو رجل يعرف كيف يكون السند. والزوجة التي تمنح زوجها حنانًا وأمانًا ليست خاضعة، بل هي شريكة تدرك كيف تحافظ على بيتها بروح مليئة بالحب والاحترام. فما أجمل أن تكون العلاقة بين الزوجين قائمة على العطف والمساندة المتبادلة، دون خجل أو تردد.
مودة ورحمة… لا حلبة صراع
بعض الرجال يعتقدون أن التعامل بلطف مع الزوجة يقلل من “رجولتهم”، فيمارسون السلطة بدلًا من الشراكة، ويتحول الزواج إلى علاقة جافة، حيث الخشونة تحلّ محل الحنان، والصمت يحلّ محل الحوار. وفي النهاية، نجد أنفسنا أمام علاقة فارغة من المشاعر والدفء، تتخللها الخلافات اليومية التي لا تنتهي، ويتساءلون لاحقًا: “لماذا فقدنا السعادة؟”.
وفي المقابل، بعض النساء يظنن أن الحنان يعني التنازل أو ضعف الشخصية، فيرفضن التعبير عن مشاعرهن، وكأن القسوة هي طريق الاحترام. والنتيجة؟ حياة زوجية باردة، مليئة بالمجاملات الجافة بدلًا من الدفء الحقيقي. فالحب لا يُقاس بالقسوة، بل بالقدرة على إعطاء الآخر كل ما يحتاجه من مشاعر صادقة واهتمام حقيقي. العلاقة الزوجية السليمة تقوم على التواصل المفتوح والمشاركة العاطفية بين الطرفين.
الحنية قوة تبني البيوت
الحياة الزوجية لا تُبنى على استعراض القوة، بل على تقاسمها. على أن يكون الرجل درعًا لزوجته، وأن تكون المرأة سكنًا له. فالرجل الذي يُعبّر عن مشاعره بصدق، ويحتوي زوجته بحنان، هو رجل يُدرك قيمة الاستقرار الأسري. والمرأة التي تمنح زوجها حبًا واحتواءً، ليست خاضعة، بل هي شريكة تُدرك أن الأمان لا يُفرض بالقوة، بل يُبنى بالمودة والرحمة.
وكما أن الحنية تساهم في تكوين بيئة صحية داخل الأسرة، حيث تنمو الثقة والاحترام المتبادل بين الزوجين، فإنها كذلك تساهم في تحفيز النمو العاطفي والنضج الشخصي لدى كلا الطرفين. العلاقة الزوجية الناجحة ليست فقط قائمة على الالتزامات، بل على تقديم الدعم العاطفي والحنان الذي يجعل كل طرف يشعر بالراحة والطمأنينة. إذا كانت الأسرة تستند على دعائم الحب والاحترام، فستظل قوية ومتينة في مواجهة أي تحديات.
وفي النهاية…
أيها الأزواج، لا تخجلوا من الحنية، ولا تسمحوا لمفاهيم المجتمع الخاطئة بأن تسرق منكم أجمل ما في الزواج… الدفء والحب. لا تستمعوا لمن يخلط بين القسوة والرجولة، ولا لمن يخلط بين الحنان والتنازل. فالحب قوة، والمودة استمرارية، والرحمة ضمان لاستمرار الحياة الزوجية بلا خوف ولا صراع. فكلما كثر الحنان، كلما زادت قوة العلاقة وازدهرت الحياة الزوجية. لا تظنوا أن التعبير عن مشاعر الحب هو ضعف، بل هو الطريق لبناء علاقة تملؤها الثقة والاستقرار، وتظل في قلب كل منكم ذكرى جميلة لبقية العمر.
اضف تعليقك على المقال