الكاتب : أشرف محمدين
في مجتمعاتنا العربية، يكتسب الترابط العائلي أهمية كبيرة، حيث تتداخل العلاقات الأسرية مع الصداقات، خصوصًا بين الزوجة وأقاربها من الرجال مثل أبناء العم والخال أو حتى أزواج قريباتها. هذه العلاقات، التي قد تبدو طبيعية بالنسبة للبعض، قد تتحول إلى منطقة رمادية تثير التساؤلات داخل الحياة الزوجية. فهل يمكن أن تستمر دون أن تؤثر على العلاقة بين الزوجين؟ وما الحدود التي ينبغي مراعاتها لضمان عدم حدوث مشكلات؟
⸻
حينما يصبح القريب صديقًا… هل يجب أن يقلق الزوج؟
المرأة قد ترى في ابن عمها أو ابن خالها أخًا وصديقًا مقربًا، بحكم نشأتها معه منذ الطفولة أو بحكم العادات الأسرية التي تشجع على التقارب بين أفراد العائلة. لكن مع الزواج، قد يتغير الأمر، حيث يبدأ الزوج في الشعور بأن هذه العلاقة قد تتجاوز ما هو مقبول من وجهة نظره. هنا، تظهر المشكلة الحقيقية: هل الأمر مجرد صداقة بريئة، أم أنه قد يتحول إلى مصدر للقلق؟
الرجال بطبيعتهم يميلون إلى الشعور بالمسؤولية تجاه زوجاتهم، وأي علاقة وثيقة لهن مع رجال آخرين – حتى لو كانوا أقارب – قد تثير مشاعر عدم الارتياح. هذا ليس دائمًا بدافع الغيرة فقط، وإنما بسبب طبيعة العلاقة الزوجية التي يفترض أن تكون مبنية على التفرّد والمشاركة الحصرية بين الزوجين.
⸻
العلاقة الطبيعية والعلاقة التي تثير الشكوك
لا أحد ينكر أن الروابط العائلية مهمة، وأن التواصل مع أفراد العائلة أمر صحي. لكن في بعض الأحيان، تأخذ الأمور منحى غير صحي عندما:
1. يصبح التواصل متكررًا جدًا: عندما تتحدث الزوجة مع قريبها يوميًا أو بشكل مستمر، و تطول المكالمات بينهما لساعة او اكثر خاصة في مواضيع شخصية.او حتي كلام عام في مواضيع تبدو هراء إلا أنها تجعل الزوج دائما في عدم راحة من هذا التقارب و بعض الأزواج قد لا يتكلم في الموضوع لأنه متأكدا انه لا يوجد شيئا مشينا إلا انه في نفس الوقت تظل هذه المكالمات حاجزا يكبر يوما بعد يوم في صمت قد لا تشعر به الزوجة إلا بعد فوات الأوان
2. تتجاوز حدود المجاملات العائلية إلى أحاديث خاصة: مثل التحدث عن مشاكلها مع زوجها أو طلب النصيحة في أمور زوجية.
3. يشعر الزوج بأنه مُستبعَد من هذه العلاقة: عندما تصبح هناك أمور لا يعرف عنها الزوج، وتكون بين زوجته وقريبها فقط.
4. وجود أسرار بين الزوجة وقريبها لا يعرفها الزوج: وهو ما قد يثير الشكوك ويفتح باب المشاكل بين الزوجين.بل و يحث علي التباعد العاطفي و الروحي بينهما
⸻
كيف يمكن تجنب المشكلات الناجمة عن هذه العلاقات؟
حتى لا تتحول هذه العلاقات إلى مصدر للخلافات الزوجية، هناك مجموعة من القواعد التي ينبغي أن تكون واضحة:
1. الصراحة الكاملة مع الزوج
الزوجة يجب أن تكون واضحة تمامًا مع زوجها بشأن طبيعة العلاقة التي تربطها بقريبها، وألا يكون هناك أي شيء تخفيه عنه. فالرجل يشعر بالراحة عندما يكون لديه علم مسبق بالأشخاص الذين تتواصل معهم زوجته، وليس عندما يكتشف ذلك بالمصادفة.
2. وضع حدود واضحة
يجب أن تفهم الزوجة أن بعض المواضيع لا يجوز مناقشتها مع أي رجل آخر غير زوجها، مهما كانت درجة القرابة. المشكلات الزوجية، الأسرار العائلية، والمواقف الشخصية هي أمور تخص الزوجين فقط.
3. تجنب التواصل الزائد
الصداقة مع الأقارب ليست مشكلة في حد ذاتها، لكن عندما يكون التواصل بشكل زائد عن الحد، فإنه قد يتحول إلى مشكلة، خصوصًا إذا كان يؤثر على وقت الزوجين معًا.
4. إشراك الزوج في هذه العلاقة
إذا كانت العلاقة بين الزوجة وقريبها علاقة بريئة، فلا يجب أن يكون هناك مانع من أن يكون الزوج جزءًا منها. على سبيل المثال، بدلاً من أن يكون هناك حديث منفرد بين الزوجة وقريبها، يمكن أن يكون الحديث في وجود الزوج أو ضمن تجمع عائلي.
⸻
ماذا عن الزوج؟ هل عليه أن يتحمل هذه العلاقة بصدر رحب؟
الرجل، بدوره، عليه ألا يتسرع في الحكم أو يفترض سوء النية قبل أن تكون لديه أسباب حقيقية للقلق. الغيرة المفرطة أو محاولة فرض قيود صارمة دون مبرر قد تأتي بنتائج عكسية، وتجعل الزوجة تشعر بأن زوجها لا يثق بها. لذا، من الأفضل أن يكون هناك نقاش هادئ بين الزوجين بشأن أي قلق قد يشعر به الزوج، بدلاً من اتخاذ قرارات فردية قد تؤدي إلى مشكلات أكبر.
⸻
في النهاية… الشفافية هي الحل
المشكلة لا تكمن في وجود علاقة بين الزوجة وقريبها، بل في طريقة إدارة هذه العلاقة. العلاقة الصحية يجب أن تكون واضحة، متزنة، ومحترمة لمشاعر الزوج. لا ضرر في الاحتفاظ بروابط عائلية، لكن دون أن تصبح هذه الروابط عبئًا على العلاقة الزوجية. فكما يحتاج الزواج إلى الحب والاحترام، فإنه يحتاج أيضًا إلى الوضوح والحدود التي تحافظ عليه.
اضف تعليقك على المقال